كتب الدكتور والوزير الأسبق الصادق شعبان تدوينة بتاريخ 17 جانفي 2022 يذكر فيها بذكرى عزيزة على جميع التونسيين وهي ذكرى الثورة المسلحة 18 جانفي 1952 وردت التدوينة كالآتي:
غدا 18 جانفي…
“غدا أحتفل على طريقتي بذكرى وطنية عزيزة علي و على الكثيرين من التوانسة … ذكرى الثورة المسلحة 18 جانفي 1952 … أعود و اقرأ أجزاء من تاريخ تونس الذي اعشقه … و استرجع المواقف و الأحداث … و اقارن … و اتمعّن… و استخلص الدروس …
انا أحب هذه الثورة … و في كل مرة أتألم لنسيانها …
احب هذه الثورة، لكني لا استنقص من ” الثورات ” الأخرى التي حصلت، باسم الخبز أو باسم الحرية … حسما لخلافات الوراثة أو حسما لتجاوزات الفساد … ثورة “هادئة ” أم ثورة “صاخبة ” ، ” محلية ” أم ” مستوردة ” …
أحب ثورة 1952 لان لها رمزية كبرى و لها معانى مختلفة …
من معاني ثورة 18 جانفي انها كانت ثورة كل التونسين فعلا ، و لم تكن ثورة بعض التونسين ضد بعض التونسيين …
من معانيها أيضا انها كانت وطنية بحتة لم تمتد إليها أيادي أجنبية و لا كانت فيها مطامع و لا إندساس…
ثورة 18 جانفي كانت ثورة البسطاء و الثورات الأخرى كانت ثورات سياسيين … و البسطاء لم تكن لهم خلفيات اما السياسيين فلهم خلفيات الاستيلاء على السلطة و بعضهم له خلفيات الغنيمة …
هناك من كان شهيد وطن ، و هناك من كان شهيد ايديولوجيا أو شهيد مطمح سياسي أو مغرور به لهذا أو لذاك …
كتبت عن ثورة 1952 لسنوات… و احتفلت ب 18 جانفي لسنوات … كمواطن أحب وطنه …و كمسؤول إنحني أمام عظمة الشهداء …
في 18 جانفي هبّ التونسون معا يدا واحدة قلب واحد من أجل وطن واحد
…
هبّ الدستوريون و معهم كل الوطنيين من نقابيين و صنايعية و تجار و فلاحين و بعد أشهر اغتيل حشاد ( 5 ديسمبر ) و بعد سنة اغتيل شاكر ( 13 سبتمبر 1953 ) كما اغتيل اخرون … و من مات شهيدا يبقى خالدا لا يموت …
احتفل ب 18 جانفي لان المقاومين وجّهوا الرصاص للاجنبي المحتل و لم يوجهوا ابدا الرصاص للتونسيين … لا سلاح مستورد فيها – كما حصل في 2010 … و لا فيها قناصة اجانب و لا مال دخيل …
احتفل ب 18 جانفي لأنها ثورة أخرجت المحتل … لم تكن ثورة لفتح الباب أمام المحتل … ثورة للسيادة و ليست ثورة اضاعت السيادة … ثورة اتتنا بالكرامة و ليست ثورة غيبت عنا الكرامة…
احتفل بثورة 18 جانفي لأنها ثورة كل التونسيين لا يحق لأحد احتكارها و لا يحق لأحد استغلالها … ثورة توحدنا لا تفرقنا … ثورة تشير إلى ان العدو ليس فينا و انما العدو خارجنا …
هناك أعياد ثلاثة وطنية لا قيمة لأي عيد آخر امامها : عيد انطلق به الكفاح ، و عيد أخرجنا فيه المستعمر ، و عيد ركزنا فيه النظام الجمهوري …
ما جرى من انتفاضات خارج ثورة 18 جانفي و مهما خلق لهذه الانتفاضات من تسميات ليس سوى تصحيح لمسارات … و ليس سوى توازنات صعبة نبحث عنها بين ضروريات النظام و بين مطامح الحرية…
احتفل غدا كالعادة .. و أعيد كالعادة قراءة الصفحات من تاريخ تونس المجيد… فمن لا يتعظ بالماضي لن يقدر على صنع المستقبل … و من لا يترفع عن الجزئيات و الضغائن لن يمتلك قدرات القيادة …
أ.د الصادق شعبان
الاثنين 17 جانفي 2022