أخبار عالمية

الإنفاق الموازي بدولة ليبيا

    نتيجةً للانقسام والمماحكات السياسية بين الأطراف المتصارعة على السلطة في ليبيا، نشأت أجسام موازية للسلطات التنفيذية والتشريعية والمالية الموجودة في العاصمة طرابلس، وخاصة في شرق ليبيا.

  من أهم هذه المؤسسات مصرف ليبيا المركزي في تحلالبيضاء، وحكومة شرق ليبيا السابقة (حكومة عبد الله الثني)، وحكومة شرق ليبيا الحالية (حكومة أسامة حماد)، والقيادة العامة للجيش في شرق ليبيا (الجنرال خليفة حفتر)، إلى جانب بعض المؤسسات النفطية والإدارية.

 الهدف من هذا التقرير هو توضيح حجم الإنفاق الموازي لهذه المؤسسات في شرق ليبيا، الذي أدى إلى دين عام كبير على الدولة الليبية على مدى السنوات الماضية.

وقد تم الاعتماد في هذا التقرير على التقارير الحكومية الرسمية، وخاصة تقرير ديوان المحاسبة الليبي للأعوام 2021 و2022 الميلادية.

  وتُظهر النتائج أن الإنفاق الموازي تسبب في ارتفاع الدين العام، حيث بلغت قيمة الأموال التي أُقرضت لحكومة الثني وحدها حوالي 60.6 مليار دينار.

المنهجية:

في هذا التقرير، تم تطبيق النهجين المعلوماتي والتحليلي في جمع وعرض وتحليل البيانات وفقًا للخطوات التالية:

أولا: البناء المعلوماتي:

جمع البيانات:

استخدام التقارير الرسمية كمصدر رئيسي للبيانات.

الرجوع إلى تقارير ديوان المحاسبة الليبي للأعوام 2021 و2022 لجمع الإحصاءات والبيانات المالية.

مراجعة الوثائق والسجلات:

فحص الوثائق الحكومية للحصول على فهم دقيق للأوضاع الاقتصادية والمالية.

التوثيق والتسجيل:

تسجيل جميع المصادر والمراجع بدقة لضمان الشفافية والدقة في تقديم المعلومات.

ثانيا: التحليل والاستقراء:

تحليل البيانات:

تحليل البيانات المجمعة لفهم الديناميكيات الاقتصادية والسياسية المتعلقة بالإنفاق الموازي.

تقييم كيفية تأثير هذا الإنفاق على الاقتصاد الليبي والدين العام.

دراسة الآثار الاقتصادية:

تقييم الآثار الاقتصادية للإنفاق الموازي، مثل تأثيره على سعر صرف الدولار والاستقرار المالي.

تقديم النتائج والتوصيات:

تلخيص النتائج الرئيسية وتقديم توصيات مبنية على التحليلات والمعطيات المكتسبة

محتوى التقرير: 

وفقًا لتقرير ديوان المحاسبة لعام 2021، قام مصرف ليبيا المركزي في البيضاء بطباعة مبالغ كبيرة من العملة المحلية بشكل مخالف في دولة روسيا، وتم تصدير معظمها إلى المصارف التجارية ضمن نطاق الحكومة المؤقتة بالمنطقة الشرقية بقيادة عبدالله الثني. جزء من هذه المبالغ لا يزال في حوزة المصرف، بينما تم مصادرة جزء آخر في مالطا، وجزء آخر لا يزال في مخازن الشركة الروسية (الصفحة 42).

الشكل (1، 2) يوضح قيمة العملة المحلية التي تمت طباعتها من قبل مصرف ليبيا المركزي في البيضاء من عام 2015 إلى 2020. هذه العملة تم تصديرها إلى المصارف التجارية في المناطق التي كانت تحت إدارة الحكومة المؤقتة، بالإضافة إلى المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة لها، أو ما يُعرف بالقيادة العامة (الصفحة 75 – تقرير ديوان المحاسبة لعام 2021)

“يوضح الشكل (3) المبالغ التي اقترضتها الحكومة المؤقتة السابقة بقيادة عبدالله الثني من مصرف ليبيا المركزي في البيضاء (الحبري) والمصارف التجارية بالمنطقة الشرقية. هذه المبالغ، التي تم اقتراضها لتغطية المصاريف والاحتياجات بشكل مخالف، أصبحت فيما بعد جزءًا من الدين العام الحكومي، ولا تزال الدولة تعاني من تبعاته حتى الآن. (الصفحة 44 – تقرير ديوان المحاسبة).

“وفقًا لإحصائيات تقرير ديوان المحاسبة لعام 2021، بلغ إجمالي الإنفاق الحكومي للحكومة المؤقتة في البيضاء 55.568 مليار دينار، في حين وصلت قيمة الاقتراض الحكومي أو الدين العام إلى 69.956 مليار دينار. هذا يترك فارقًا بقيمة 14.388 مليار دينار، حيث تظل البيانات المتعلقة بهذا الفارق مجهولة وغير موضحة في التقارير المصرفية ( الصفحة 44).”

“مرحلة عدم الاستقرار الأمني والإداري في المنطقة الجنوبية التي تقع تحت سيطرة القيادة العامة أثرت سلبًا على الرقابة المالية، خاصةً في المؤسسات المصرفية المحلية. نلاحظ أن قيمة الاختلاسات في مصرف الصحاري مرتفعة بشكل ملحوظ مقارنةً بالمصارف الأخرى، حيث بلغت قيمة الاختلاسات 30.4 مليون دينار، كما ورد في الصفحة 101 من التقرير.”

وفقًا لتقرير المراجع الخارجي الدولي من شركة ديلويت، الذي استعرض القوائم المالية المقدمة من مصرف ليبيا المركزي في البيضاء تحت إدارة الحبري سابقًا، كشف أن المصرف قدم قروضًا للحكومة من مصدرين رئيسيين: أولًا، ودائع المصارف التجارية والعملاء، وثانيًا، طباعة العملة في روسيا. هذا الأمر أسهم في ارتفاع الدين العام، حيث بلغت قيمة الأموال المُقرضة لحكومة الثني آنذاك حوالي 60.6 مليار دينار.”

“يُقدر الإنفاق الموازي لحكومة أسامة حماد في المنطقة الشرقية، والتي تخضع لسيطرة القيادة العامة والبرلمان، بحوالي 15 مليار دينار. هذا الإنفاق لم يخضع لأي رقابة من جهات محلية أو دولية، وقد أسهم في ارتفاع سعر صرف الدولار، كما أشير إليه في اجتماع مجلس الوزراء التابع لحكومة الوحدة الوطنية الذي عقد في غريان في عام 2023.”

“وفقًا لإحصائيات تقرير ديوان المحاسبة لعام 2022، يُتوقع أن تتجاوز نفقات الحكومة المؤقتة في البيضاء تحت قيادة عبدالله الثني، وحكومة الاستقرار بقيادة فتحي باشاغا، ومن ثم حكومة أسامة حماد، حاجز الـ100 مليار دينار خلال الفترة من 2012 إلى 2022، كما ورد في الصفحة 9 من التقرير.”

وفقًا لتقرير ديوان المحاسبة لعام 2022، تم رصد امتناع فروع مصلحتي الضرائب والجمارك في المنطقة الشرقية عن تحويل الإيرادات المحصلة إلى الحسابات التجميعية الخاصة بهما، وبدلاً من ذلك تم تحويل هذه الإيرادات إلى جهات أمنية في المنطقة، كما ورد في الصفحة 11 من التقرير.”

الخلاصة:

الأجسام الموازية في ليبيا: بسبب الانقسام والصراعات السياسية، تشكلت أجسام موازية للسلطات في شرق ليبيا، بما في ذلك مصرف ليبيا المركزي في البيضاء وحكومات متعاقبة.

الإنفاق الموازي والدين العام: الإنفاق الموازي لهذه الأجسام أسهم في تراكم الدين العام، مع توقعات بتجاوز الإنفاق الحكومي 100 مليار دينار بين عامي 2012 و2022.

طباعة العملة والقروض: تمت طباعة العملة في روسيا بشكل مخالف، وقدم مصرف ليبيا المركزي في البيضاء قروضًا كبيرة للحكومة، مما ساهم في ارتفاع الدين الحكومي.

مشاكل الرقابة المالية: عدم الاستقرار الأمني والإداري في المنطقة الجنوبية أثر سلبًا على الرقابة المالية، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الاختلاس في المؤسسات المالية.

امتناع عن تحويل الإيرادات: فروع مصلحتي الضرائب والجمارك بالمنطقة الشرقية امتنعت عن تحويل الإيرادات المحصلة إلى الحسابات التجميعية، وحولتها إلى جهات أمنية بدلاً من ذلك.

المراجع:

ديوان المحاسبة الليبي. (2021). التقرير العام لسنة 2021. 979 صفحة.

ديوان المحاسبة الليبي. (2022). التقرير العام لسنة 2022. 679 صفحة.

اجتماع مجلس رئاسة الوزراء الليبي. (2023) غريان، ليبيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى